فصل: قال ابن عادل:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



إن كل دعي- أي مزيف- في مبدأ من المبادئ يحاول أن يأخذ لنفسه سلطة زمنية، فيأتي إلى تكاليف، الدين التي قد يكون فيها مشقة على النفس، ويحاول أن يخفف من هذه التكاليف، أو يأتي بدين فيه تخفيف مخل بالعبادات، فإذا نظرنا إلى مسيلمة الكذاب نجده قد خفف الصلاة حتى يُرغب في دينه من تشق عليه الصلاة، وينضم إلى دين مسيلمة، وحذف مسيلمة جزءا من الزكاة، وهذا يعطي فرصة التحلل من تكاليف الدين، ولذلك فالذي أفسد الأديان السابقة على الإسلام أن بعضا من رجال الدين فيها كلما رأوا قوما على دين فيه تيسيرات أخذوا من هذه التيسيرات ووضعوها في الدين؛ لأن تكاليف الدين شاقة ولا يحمل إنسان نفسه عليها إلا من آمن بها إيمان صدق وإيمان حق، ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى في عمدة العبادات وهي الصلاة: {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إلا على الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45].
ويقول في موقع آخر في القرآن الكريم عن الصلاة: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: 132].
إن الحق عليم حكيم بمن خلق وهو الإنسان، ويعلم أن الضعف قد يصيب روح الإنسان فلا يصطبر على الصلاة، أو يراها تكليفا صعبا، لكن الذي يقيم الصلاة ويحافظ عليها فهو الخاشع لربه.
ولذلك فإننا نجد أن كل منحرف يأتي ويحاول أن يخفف من تكاليف الدين، ويحاول أن يحلل أشياء محرمة في الدين، ولم نر منحرفا يزيد في الأشياء المحرمة. إن المنحرفين يريدون إنقاص الأمور الحرام. إذا سألنا هؤلاء المنحرفين: لماذا تفعلون ذلك؟ فإننا نجد أنهم يفعلون ذلك لجذب الناس إلى أمور محرمة يحللها هؤلاء المنحرفون. ولذلك أراد أراد بعض اليهود أن يسهلوا على أتباعهم الدين، وقال بعض من أحبارهم: لا تخافوا من أمر يوم القيامة. وجاء القول الحق يحكي عنهم وكأنهم حاولوا أن يفهموا الأمر بأن الله يحلل لهم أمورا، لا، إن الله لم يحلل إلا الحلال، ولم يحرم إلا الحرام. وإذا كان الحق قد قال: {قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَالله مَوْلاَكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [التحريم: 2].
فهذا القول الحكيم جاء في مناسبة محددة وينطبق فقط في مجال ما حلل الله فلا تحرمه، أما ما حرم الله فلا تقربه، لقد أرادوا أن يبيحوا للأتباع ارتكاب الآثام، لأن النار لن تصيبهم إلا أيام معدودة، وإذا دققنا التأمل في القول الحق الذي جاء على لسانهم، فإننا نجد الآتي: إننا نعرف أن لكل حدث زمان، ولكل حدث قوة يحدث عليها، فمن ناحية الزمان. قال هؤلاء المزوّرون لأحكام الله عن يوم القيامة إنها أيام معدودة، فلا خلود في النار، وحتى لو كان العذاب شديدا فإنه أيام معدودة، فالإنسان يستطيع أن يتحمل، ومن ناحية قوة الحدث أرادوا أن يخففوا منه، فقالوا: أنه عذاب ليس بشديد إنما هو مجرد مس. إنهم يحاولون إغراء الناس لإفسادهم وقال هؤلاء الأحبار: نحن أبناء الله وأحباءه أرأيتم أحدا يعذب أبناءه وأحباءه؟ لقد أعطى الله يعقوب النبوة، ولا يمكن أن يعاقب ذريته أبدا، إلا بمقدار تحلة القسم.
{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِّعْمَ الْعَبْدُ أنه أَوَّابٌ} [ص: 44].
إن أيوب عليه السلام قد حلف أن يضرب امرأته إذا برئ من مرضه مائة سوط، وأراد الله أن يحله في هذا القسم فأمره أن يأخذ حزمة من حشيش أو عشب فيها مائة عود ويضربها بها ضربة خفيفة ليبرّ في قسمه، وكان ذلك رحمة من الله به وبزوجه التي قامت على رعايته وقت المرض، وكان أيوب عبدا شاكرًا لله، كأن الضربة الواحدة هي مائة ضربة، وهذا تحليل للقسم، وقال بعض من بني إسرائيل: إن ذرية بني يعقوب لن تُعذب من الله إلا بمقدار تحلة القسم، وكل ذلك ليزينوا للناس بقاءهم على هذا الدين الذي سوف تكون الآخرة فيه بعذابها مجرد مس من النار، وأيام معدودة، بادعاء أن بني يعقوب هم أبناء الله وأحباؤه، وأن الله قد أعطى وعدًا ليعقوب بأنه لن يعذب أبناءه إلا بمقدار تحلة القسم، وهذا بطبيعة الحال هو تزييف لدين الله ومنهجه لقد تولوا عن منهج الله، وأعرضوا عنه بعصيان، يوضح لنا هذا المعنى القول الكريم: {ذلِكَ بأنهمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ}. اهـ.

.سؤال وجواب:

فإن قيل: التولِّي عن الشيء هو الإعراض عنه.
قيل: معناه يتولَّى عن الداعي ويعرض عما دُعِيَ إليه. اهـ.

.تفسير الآية رقم (24):

قوله تعالى: {ذَلِكَ بأنهمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

.قال البقاعي:

ثم علل اجتراءهم على الله تعالى فقال: {ذلك} أي الإعراض البعيد عن أفعال أهل الكرم المبعد من الله {بأنهم قالوا} كذبًا على الله- كما تقدم بيانه في سورة البقرة {لن تمسنا النار إلا أيامًا} ولما كان المقام هنا لتناهي اجترائهم على العظائم لاستهانتهم بالعذاب لاستقصارهم لمدته والتصريح بقتل الأمرين بالقسط عامة وبحبوط الأعمال، وكان جمع القلة قد يستعار للكثرة أكدت إرادتهم حقيقة القلة بجمع آخر للقلة، فقيل على ما هو الأولى من وصف جمع القلة لما لا يعقل بجمع جبرًا له: {معدودات} وتطاول الزمان وهم على هذا الباطل حتى آنسوا به واطمأنوا إليه لأنه ما كذب أحد بحق إلا عوقب بتصديقه بباطل، وما ترك قوم سنة إلا أحيوا بدعة، على أن كذبهم أيضا جرهم إلى الاستهانة بعذاب الله الذي لا يستهان بشيء منه ولو قل.
ولما نسبوا ذلك إلى الكتاب فجعلوه دينًا قال: {وغرَّهم} قال الحرالي: من الغرور وهو إخفاء الخدعة في صورة النصيحة- انتهى {في دينهم ما كانوا} أي بما هيؤوا له وجبلوا عليه {يفترون} أي يتعمدون كذبة، قال الحرالي: فتقابل التعجيبات في ردهم حق الله سبحانه وتعالى وسكونهم إلى باطلهم. انتهى. اهـ.

.قال الفخر:

وجه النظم أنه تعالى لما قال في الآية الأولى {ثُمَّ يتولى فَرِيقٌ مّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ} قال في هذه الآية: ذلك التولي والإعراض إنما حصل بسبب أنهم قالوا: لن تمسنا النار إلا أيامًا معدودات، قال الجبائي: وفيها دلالة على بطلان قول من يقول: إن أهل النار يخرجون من النار، قال: لأنه لو صحّ ذلك في هذه الأمة لصح في سائر الأمم، ولو ثبت ذلك في سائر الأمم لما كان المخبر بذلك كاذبًا، ولما استحق الذم، فلما ذكر الله تعالى ذلك في معرض الذم علمنا أن القول بخروج أهل النار قول باطل.
وأقول: كان من حقه أن لا يذكر مثل هذا الكلام، وذلك لأن مذهبه أن العفو حسن جائز من الله تعالى، وإذا كان كذلك لم يلزم من حصول العفو في هذه الأمة حصوله في سائر الأمم.
سلمنا أنه يلزم ذلك، لكن لم قلتم: إن القوم إنما استحقوا الذم على مجرد الأخبار بأن الفاسق يخرج من النار بل هاهنا وجوه أُخر:
الأول: لعلمهم استوجبوا الذم على أنهم قطعوا بأن مدة عذاب الفاسق قصيرة قليلة، فإنه روي أنهم كانوا يقولون: مدة عذابنا سبعة أيام، ومنهم من قال: بل أربعون ليلة على قدر مدة عبادة العجل.
والثاني: أنهم كانوا يتساهلون في أصول الدين ويقولون بتقدير وقوع الخطأ منا فإن عذابنا قليل وهذا خطأ، لأن عندنا المخطئ في التوحيد والنبوّة والمعاد عذابه دائم، لأنه كافر، والكافر عذابه دائم.
والثالث: أنهم لما قالوا: {لَن تَمَسَّنَا النار إِلا أَيَّامًا معدودات} فقد استحقروا تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم واعتقدوا أنه لا تأثير له في تغليظ العقاب فكان ذلك تصريحًا بتكذيب محمد صلى الله عليه وسلم وذلك كفر والكافر المصر على كفره لا شك أن عذابه مخلد، وإذا كان الأمر على ما ذكرناه ثبت أن احتجاج الجبائي بهذه الآية ضعيف وتمام الكلام على سبيل الاستقصاء مذكور في سورة البقرة. اهـ.

.فوائد بلاغية:

قال في صفوة التفاسير:
البلاغة:
{أن الدين عند الله الإسلام} الجملة معرفة الطرفين فتفيد الحصر أي لا دين يقبله الله الا الإسلام.
{الذين أوتوا الكتاب} التعبير عن اليهود والنصارى بقوله: {أوتوا الكتاب} لزيادة التشنيع والتقبيح عليهم، فإن اختلافهم مع علمهم بالكتاب في غاية القبح والشناعة.
{بآيات الله فإن الله} اظهار الاسم الجليل لتربية المهابة وادخال الروعة في النفس.
{أسلمت وجهي} اطلق الوجه واراد الكل فهو (مجاز مرسل) من إطلاق الجزء لارادة الكل، اي استسلمت بنفسى وكليتي لحكم الله وقضائه.
{فبشرهم بعذاب أليم} الأصل في البشارة ان تكون في الخير واستعمالها في الشر للتهكم ويسمى (الأسلوب التهكمى) حيث نزل الإنذار منزلة البشارة السارة. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قوله: {ذَلِكَ} فيها وجهان:
أصحهما: أنها مبتدأ، والجار بعده خبره، أي: ذلك التوَلِّي بسبب هذه الأقوال الباطلةِ، التي لا حقيقةَ لها.
والثاني: أن {ذَلِكَ} خبرُ مبتدأ محذوفٍ، أى: الأمر ذلك، وهو قول الزَّجَّاج وعلى هذا قوله: {بأنهمْ} متعلق بذلك المقدَّر- وهو الأمر ونحوه-.
وقال أبو البقاء: فعلى هذا يكون قوله: {بأنهمْ} في موضع نَصْب على الحال بما في ذَا من معنى الإشارة، أي: ذلك الأمر مستحقًا بقولهم، ثم قال: وهذا ضعيفٌ.
قلت: بل لا يجوز ألبتة.
وجاء- هنا- {مَعْدُودَاتٍ}، بصيغة الجمع- وفي البقرة {مَعْدُودَةً}، تفنُّنًا في البلاغة، وذلك أن جمع التكسير- غير العاقل- يجوز أن يعامَل معاملةَ الواحدةِ المؤنثة تارةً، ومعاملةَ جمع الإناث أخْرَى، فيقال: هذه جبال راسيةٌ- وإن شئت: راسياتٌ-وجمال ماشية، وإن شئت: ماشيات.
وخص الجمع بهذا الموضع؛ لأنه مكان تشنيع عليهم بما فعلوا وقالوا: فأتى بلفظ الجمع مبالغةٌ في زجرهم، وزجر من يعمل بعملهم. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وَغَرَّهُمْ في دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ}:

.قال ابن عادل:

قوله: {وَغَرَّهُمْ في دِينِهِمْ} الغُرور: الخِدَاع، يقال منه: غَرّهُ، يَغُرُّهُ، غُرُورًا، فهو غَارٌّ، ومغرور.
والغَرُور:- بالفتح- مثال مبالغة كالضَّرُوب.
والغِرُّ: الصغير، والغِرِّيرَة: الصغيرة؛ لأنهما يُخعان، والغِرَّة: مأخوذة من هذا، قال: أخذه على غِرَّة، أي: تغفُّل وخداعِ، والغُرَّة: بياض في الوجه، يقال منه: وَجْهٌ أغَرُّ، ورجل أغَرّ وامرأة غَرَّاء.
والجمع القياسي: غُرٌّ، وغير القياسي غُرَّانُ.
قال: [الطويل]
ثِيَابُ بَنِي عَوْفٍ طَهَارَى نَقِيَّةٌ ** وَأوْجُهُهُمْ عِنْدَ الْمَشَاهِدِ غُرَّانُ

والغرة من كل شيء أنفسه، وفي الحديث: «وَجَعَلَ فِي الْجَنِينِ غُرَّةً، عَبْدًا أوُ أمَةً».
قيل: الغُرّة: الخِيار، وقال أبو عمرو بن العلاء- في تفسير هذا الحديث- أنه لا يكون إلا الأبيض من الرقيق، كأنه أخَذَه من الغُرَّة، وهو البياض في الوَجْه.
قوله: {مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} ما يجوز أن تكون مصدريةً، أو بمعنى الذي، والعائد محذوف أي: الذي كانوا يفترونه.
قيل هو قولهم: {نَحْنُ أَبْنَاءُ الله وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: 18].
وقيل: هو قولهم: نحن على الحق وأنت على الباطل. اهـ.

.قال الفخر:

اعلم أنهم اختلفوا في المراد بقوله: {مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} فقيل: هو قولهم: {نَحْنُ أَبْنَاءُ الله وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: 18] وقيل: هو قولهم: {لَن تَمَسَّنَا النار إِلا أَيَّامًا معدودات} وقيل: غرهم قولهم: نحن على الحق وأنت على الباطل. اهـ.

.قال الطبري:

يعني جل ثناؤه بقوله: {بأنهم قالوا}، بأنّ هؤلاء الذين دعوا إلى كتاب الله ليحكم بينهم بالحق فيما نازعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما أبوا الإجابة إلى حكم التوراة وما فيها من الحق: من أجل قولهم: {لن تمسنا النارُ إلا أيامًا معدودات} وهي أربعون يومًا، وهن الأيام التي عبدوا فيها العجل ثم يخرجنا منها ربنا، اغترارًا منهم {بما كانوا يفترون}، يعني: بما كانوا يختلقون من الأكاذيب والأباطيل، في ادعائهم أنهم أبناء الله وأحِبّاؤه، وأن الله قد وعد أباهم يعقوبَ أن لا يُدْخل أحَدًا من ولده النار إلا تَحِلَّةَ القسم.
فأكذبهم الله على ذلك كله من أقوالهم، وأخبر نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أنهم هم أهل النار هم فيها خالدون، دون المؤمنين بالله ورُسله وما جاءوا به من عنده. اهـ.

.قال ابن عاشور:

وقوله: {ذَلِكَ بأنهمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ} الإشارة إلى توليهم وإعراضهم، والباء للسببية: أي إنهم فعلوا ما فعلوا بسبب زعمهم أنهم في أمان من العذاب إلا أياما قليلة، فانعدم اكتراثهم باتباع الحق؛ لأن اعتقادهم النجاة من عذاب الله على كل حال جرأهم على ارتكاب مثل هذا الإعراض. وهذا الاعتقاد مع بطلانه مؤذن أيضا بسفالة همتهم الدينية، فكانوا لا ينافسون في تزكية الأنفس. وعبر عن الاعتقاد بالقول دلالة على أن هذا الاعتقاد لا دليل عليه وأنه مفترى مدلس، وهذه العقيدة عقيدة اليهود، كما تقدم في البقرة.
وقوله: {وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} أي ما تقولوه على الدين وأدخلوه فيه، فلذلك أتي بفي الدالة على الظرفية المجازية، ومن جملة ما كانوا يفترونه قولهم: {لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} [البقرة: 80]، وكانوا أيضا يزعمون أن الله وعد يعقوب ألا يعذب أبناءه.
وقد أخبر الله تعالى عن مفاسد هذا الغرور والافتراء بإيقاعها في الضلال الدائم، لأن المخالفة إذا لم تكن عن غرور فالإقلاع عنها مرجو، أما المغرور فلا يترقب منه إقلاع. وقد ابتلى المسلمون بغرور كثير في تفاريع دينهم وافتراءات من الموضوعات عادت على مقاصد الدين وقواعد الشريعة بالإبطال، وتفصيل ذلك في غير هذا المجال. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري:

قوله جلّ ذكره: {ذَلِكَ بأنهمْ قَالُوا لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إلاَّ أيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ في دِينِهِم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ}.
عاقبناهم في الدنيا بالاستدراج حتى حكموا لأنفسهم بالنجاة وتخفيف العقاب، وسوف يعلمون تضاعف البلاء عليهم، ويحسبون أنهم على شيء ألا أنهم هم الكاذبون. اهـ.